مفهوم التعلم والتعليم وعلاقة الاهداف التربوية بمكونات الفعل التربوي
تمهيد
يعتبر مفهوم التعليم والتعلم من المفاهيم الاساسية في ميدان التربية ، لأنهما يمثلان الوسيلة والهدف في نفس الوقت ، وتعد عملية التعليم من اهم العناصر المكونة للعملية التربوية عموما والتعليمية خصوصا، لأنها عملية التي يتم عن طريقها نقل وتوصيل المعارف والعلوم للمتعلم ، ولقد ظهرت الحاجة لتفسير عملية التعليم بسبب رغبة المفكرين التربويين في توضيح المبادئ التي تحكمها وظهرت عدة محاولات لتطويرها بما يتماشى والتطور العلمي والتكنولوجي والمعرفي خاصة في ميدان التربية ، هذا الميدان التي تضع الدول المتقدمة نصب أعينها ، وتقدم له كل الاولويات وتسهر على استقطاب احسن الكفاءات والعناصر خاصة منها البشرية، ناهيك عن الوسائل المادية اكثر حداثة.
بما ان هذا المورد البشري سيتوزع مستقبلا كمخرجات على جميع التنظيمات : السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبطبيعة الحال التربوية. فيجب السهر على اخراجه احسن اخراج من اجل رقي المجتمع ونجاحه في جميع المهن ولهذا فان :
" مهنة التعليم هي المهنة الاساسية في المجتمع وكل مهنة اخرى هي اما فرع منه وإما معتمدة عليها ، ويبرز على راس هذه المهنة الشريفة المعلم وخطورة دوره لذلك فهو العامل الاساسي في عملية تكوين الموظف الصالح تربويا وثقافيا وأخلاقيا ووطنيا ودينيا ايضا، فالمعلم هو الذي يشكل ويصقل ويصنع كل عامل وممتهن وموظف في المجتمع خصوصا اذا انتشر التعليم وأصبح لكل فرد من الوطن نصيب فيه ذلك فإن الاساس الذي لا بد منه لكل اصلاح في التعليم انما هو المعلم الصالح الذي يدرك اهداف التعليم..... ادراكا جيدا ويستطيع ان يساير عصره في تطوره وعلومه ومعارفه والتغيرات العلمية والتكنولوجية
مفهوم التعليم:
يعرف معجم المصطلحات التربوية بأنه " ذلك الجهد الذي يخططه المعلم وينفذه في شكل تفاعل بينه وبين التلاميذ وهنا تكون العلاقة بين المعلم كطرف والمتعلمين كطرف من اجل تعليم مضمون معين " (احمد حسين ص 71)
ونفس المصدر يعرف التدريس بأنه " ذلك الجهد الذي يبدله المعلم من اجل تعليم التلاميذ ويمثل ايضا كافة الظروف المحيطة والمؤثرة في هذا الجهد مثل نوع الانشطة والوسائل المتاحة ودرجة الاضاءة درجة الحرارة الكتاب المدرسي والسبورة والأجهزة وأساليب التقويم وما قد يوجد من عوامل جذب الانتباه والتشتت.
ويقصد بكلمة التدريس المادة التي تهدف الى جعل الطفل يكتسب هذا او ذلك من المبادئ او من الطرف وقد حددت مهام التدريس في كافة المناهج المدرسية تقريبا بما ينبغي اكتسابه من مبادئ.
2 ـ مراحل عملية التعلم:
تمر عملية التعليم بعدة مراحل وكل مرحلة تعتبر تمهيدا للأخرى وتكون في جملتها ما يسمى بعملية التعليم نذكر منها :
أ ـ المرحلة التحضيرية:
حيث يقوم بها بتحضير الدروس وإعداد كل ما يرتبط بإلقائها من تحديد دقيق وواضح للأهداف السلوكية التعليمية لكل درس وهذا بعد اختيار الدروس وتحليل مضمونها وبالتالي تحديد وصياغة العبارات ، ويقوم المعلم في هاته المرحلة بتخطيط عملية التدريس وذلك بتحديد المعلومات المنهجية التي يستعملها التلاميذ وتحديد نوع النشاطات التربوية التي يمارسها لتوجيه عملية التعليم بمختلف اهدافها
ب ـ المرحلة التنفيذية:
وهي المرحلة الثانية وفيها يقوم المعلم بعملية توصيل المعارف والمعلومات المخططة لتلاميذ باستخدام الطرق المحددة.
في هذه المرحلة يواجه المعلم عدة مشاكل فيما يخص تعلم التلاميذ وبالتالي يقوم بمعالجتها معهم وتجاوزها من اجل حصول التعلم لديهم. بحيث يقوم المعلم بدوره الاجتماعي التربوي والذي يتمثل في تنظيم العلاقات الاجتماعية بينه وبين التلاميذ كما يقوم بتوجيه المناقشة الجماعية في القسم الدراسي
ج ـ مرحلة التغذية الراجعة:
رغم ان المعلم في المرحلة الثانية يقوم بصورة تلقائية ومستمرة بتقييم مدى تقدم تلاميذه وفهم المشاكل والصعوبات التي تعترض حدوث التعلم لديهم من اجل توجيه عمله التعليمي : الا انه في هذه المرحلة الثالثة يقوم بعملية تقويم رسمية لمدى تحقيق الاهداف التعليمية المسطرة في مرحلة التحضير وذلك عند انتهاء كل وحدة دراسية وفي نهاية كل يوم وكل فصل وكل سنة وذلك لقياس التغيرات الطارئة على سلوكات التلاميذ سواء كانت الذهنية او الحركية ومدى تقاربها مع التغيرات المخططة والمنتظرة من عملية التعليم. وكل ذلك في سبيل رصد نقاط الضعف والقوة في اثر تدريسه على تعلم التلاميذ ورغباتهم التحصيلية (محمد زياد حمدان ص32)
وهناك من حدد مراحل عملية التعليم كما يلي
التخطيط : ويمثل المرحلة التي تسبق التدريس وفيها يحدد المدرس الاهداف التعليمية ويحلل محتوى المادة المدرسة ويدرس خصائص الفئة التي يدرسها ويخطط للتدريس بصفة عامة
التنفيذ: مجموعة من المهارات التي يجب على المعلم ان يتقنها من اجل العملية التدريسية بصورة فعالة. وبالتالي هذه المرحلة تضم سيرورة الدرس وجملة العمليات الرئيسية التي يقوم بها المعلم لنقل معارفه وتحقيق اهدافه وبالتالي تحقيق اجراءات التعليم التي يتبعها المعلم في القائه درسه
التقويم: ويمثل العمليات التي من خلالها نقوم مدى تحقق الاهداف التعليمية وذلك بقياس وتقويم اداء المعلم وتقويم العملية التدريسية والتعليمية ككل.
3 ـ الاهداف التعليمية
الاهداف التعليمية هي بمثابة عبارات او جمل مكتوبة بدقة لوصف الطريقة التي سيتصرف بها الطلاب في نهاية الوحدة الدراسية او المسار الدراسي وهي بذلك تصف مايتوقع من الطالب انجازه في نهاية الوحدة التربوية وهي نوعان
أ ـ أهداف عامة:
وهي التي يسعى المجتمع الى تحقيقها وإيصالها الى المتعلمين عن طريق المدرسة وجميع المجتمعات وهي:
ـ اعداد مواطن صالح المؤمن بحقوق المواطنة وتحمل المسؤولية وتحقيق المثل العليا
ـ تفهم تحليلي لجميع المظاهر البيئة ومشكلاتها المختلفة وحاجاتها القائمة والمنتظرة
ـ تطوير المهارات الفردية حتى يتمكن كل فرد من ان يحصل على مهنة او وظيفة او ان يمارس عملا يحقق له نوعا من الاشباع والسعادة والرضا .
وهذه الاهداف هي اهداف طويلة المدى وتتحقق عند نهاية مرحلة التعليم لكل فرد وتستمر باستمراره في الحياة
ب ـ اهداف خاصة:
هي اهداف موجودة وتتحقق على مستوى كل مادة دراسية حيث تتفرد كل مادة بتحقيق مجموعة من الاهداف تتنوع بأهداف كل معرفة مقدمة كمادة التربية الاسلامية او التاريخ او الرياضيات او الفيزياء ......الخ وهي اهداف مرحلية هناك من نجدها متوسطة المدى او قصيرة المدى.
ويبقى الهدف الرئيسي هو احداث تغيير في سلوكات الافراد نحو مزيد من حسن الاداء والفعالية في الموضوع المراد تعلمه منهم او زيادة التعلم فيه.
4 ـ مفهوم التعلم:
التعلم الاكاديمي هو ذلك التعليم الذي يرتبط بالمنهج المعلن المخطط له بطريقة مقصودة ويهدف الى تحقيق اهداف معينة لدى الطلاب من خلال مقررات دراسية وكتب وأنشطة وطرق ووسائل وأساليب تقويم ويخضع للسلطات الاشرافية على العملية التعليمية.
وهناك من يعرفه بأنه التغيير الذي يحدث في سلوك الانسان وفي معاملاته مع الاخرين وفي اتصالاتهم بهم وفي اكتسابه لمهارات جديدة وتنمية مهاراته السابقة والعمل على انماء ما لديه من خلفيات معرفية سواء كانت غريزية او مكتسبة.
وهذا التعريف يؤكد بان التعلم هو تغيير وتعديل السلوكات الذهنية والغريزية والاتصالية ويعرف ايضا بأنه " التعلم عملية تحصيل وكسب تؤدي الى تعديل سلوك الفرد وتظهر اثارها في مجالات التالية:
ـ المجال الذهني : تحصيل معلومات وأفكار ومفاهيم
ـ المجال الوجداني : تكوين عواطف واتجاهات
ـ المجال النزوعي : كسب عادات وأساليب ومهارات في العمل والأداء
5 ـ علاقة الاهداف التربوية بمكونات الفعل التعليمي ـ التعلمي:
حين نشرع في انجاز عملنا بمعية التلاميذ فإننا نكون في وضعية هي بالذات وضعية الفعل التعليمي ، اما التعلم كما يعبر عنه الكثير من المربين فهو سلوك يؤدي الى نمو الفرد وبنائه وجعل خبرته مغايرة لما كانت عنه ، اي ما يحدث للتلميذ من تغيرات في السلوك والمعاملة مع الآخرين ، واكتسابه لمهارات جديدة او تنمية مهارات سابقة وإنما لديه من معلومات وقدرات وخبرات جديدة وتنظيمها لمواجهة احداث و اوضاع وحل لمشاكل متوقعة ، وفي هذا السياق فإنه يمكن فصل وضعية التعلم عن الفعل التعليمي ويتشكل الفعل التعليمي ــ التعلمي اساسا من مجموعة مكونات التالية :
ـ الاطراف الفاعلة في التعليم : ( المدرس ، التلميذ ، المؤسسة التربوية )
ـ المحتويات التي يتم تقديمها في هذا التعليم : ( المحتوى)
ـ الكيفية التي ينجز بها هذا التعليم : (الطرائق)
ـ الوسائل الموظفة في هذا التعليم : (الوسائل)
ـ النتائج الموجودة في هذا التعليم : ( التقويم)
الخلاصة:
ان عملية التعليم والتعلم هما وجهان لعملة واحدة هي العملية التعليمية ، فالتعليم يتصل بفعاليات و انشطة وبرامج يقوم بها المعلم لصالح المتعلم وتبقى هي اساس عملية التعلم.
بهذا يتبين ان هناك صلة بيت التعلم ــ الذي يحدث لدى المتعلم والذي يعتبر حالة نفسية داخلية تحدث من تفاعل فكرة مع مادة التعلم وعملية التعليم التي يؤديها المعلم ، وأنهما يعتمدان على بعضهما البعض ويؤثران على بعضهما البعض فهما عمليتين متفاعلتين على اساس من العلاقة الطردية بينهما وان اي تقدم يحققه التربويون في فهم احدهما يؤدي الى زيادة فهم الاخر.
المراجع :
ـ احمد وطاس ، اهمية الوسائل التعليمية في عملية التعليم عامة ، الجزائر
ـ محمد زياد حمدان ، الوسائل التعليمية مبادئها وتطبيقاتها ، بيروت ، 1981
ـ عبد الطيف الغاربي ،الاهداف التربوية: اهميتها موقعها داخل العملية التعليمية، سلسلة علوم التربية، 1988
ـ احمد حسن القاني ، علي جمل معجم المصطلحات التربوي المعرفة في المناهج وطرق التدريس، القاهرة ، 1996
إرسال تعليق